قرية بدو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
محمد زهران
محمد زهران
 
 
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 465
فلسطين
الــــجـــنــــس : ذكر
العمل : جامعي
الـــهــــوايــــة : السفر
الـــمــزاج : معاكم
وسام الابداع
المشرف المميز
وسام العطاء

m3 الصحراء ونشأة الشعر العربي

الأربعاء يوليو 20, 2011 10:20 am

الصحراء ونشأة الشعر العربي

في زخم الصراع وخضم العراك بين الاتجاه الحداثي في كتابة
الشعر شكلاً ومضمونـًا، والاتجاه إلى استلهام مضمون الشعر العربي الأصيل
الموروث، واتخاذه قاعدة أساسية، ومرتكزًا أوليـًا يعتمد عليه شعراء الأصالة
فيما يتناولون من صور التجديد، وعوامل التطوير استجابة لمعطيات الحياة
البشرية والتجارب الإنسانية، يحلو الحديث ويطيب عن النبع الأول، والإرهاصات
التي تمخض عنها شعر العربية منذ أن كان طفلاً وليدا يحبو حتى اشتد عوده،
واستقام على سُوقه ..

وعلى الرغم من كثرة الدراسات والبحوث التي قام بها الباحثون من عرب
ومستشرقين في محاولة لوضع نظرية تقترب من الحقيقة نوعـًا ما حول البداية
الأولى لنشأة الشعر العربي، فإنها لم تسفر عن نتيجة يطمئن إليها الباحث،
ويركن إليها الدارس المعني بهذا الموضوع ..

وكثيرا ما يتساءل بعض المهتمين بالشعر العربي ونشأته وتطوره

عن الكيفية التي ولد بها هذا الشعر؟

وكيف نشأ؟

وما المراحل والخطوات التي مر بها وقطعها حتى استقام على تلك الطريقة الفنية المكتملة شكلاً ومضمونـًا، التي وجدناها في شعر أوس بن حجر، والمهلهل، وامرئ القيس، والنابغة الذبياني، وزهير، وأضرابهم من شعراء الرعيل الأول في العصر الجاهلي ؟


وليس من اليسير أن نضع أيدينا على أولية الشعر العربي قبل أن يصل إلينا في
صورته الحالية؛ لأن مرحلة الطفولة التي عاشها هذا الشعر مازال يكتنفها
الغموض، ويلفها ضباب كثيف، وهي فترة أهملها التاريخ المدون ضمن ما أهمله من
تاريخ العرب القديم لأسباب أهمها، ندرة الكتابة في بلاد العرب آنذاك،
وشيوع الأمية، والاعتماد على الذاكرة أو الحافظة في تلقي الأدب والأخبار ..

ولا جرم أن هناك محاولات وإرهاصات أولية لنظم الشعر قبل أن يصل إلينا في
صورته الحالية المكتملة وزنـًا وقافية وشكلاً ومضمونـًا، غير أن هذه
المحاولات والإرهاصات ضاعت وسقطت من يد الزمن ضمن ما ضاع من تراث العرب
وأخبارهم قبل عصر التدوين والكتابة ..

قال أبو عمرو بن العلاء (70 – 154هـ) الراوية المشهور:

(ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير)..

ويعلل محمد بن سلام الجمحي (139- 231هـ) ضياع شعر العرب بقوله:

(لما جاء الإسلام تشاغلت العرب عن الشعر، وتشاغلوا
بالجهاد، وغزو فارس والروم، ولهت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام،
وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب بالأمصار راجعوا رواية الشعر، فلم يؤولوا إلى
ديوان مُدون، ولا كتاب مكتوب، وألفوا ذلك وقد هلك من العرب من هلك بالموت
والقتل فحفظوا أقل ذلك، وذهب عليهم منه كثير )
.

وقد حاول بعض الباحثين من قدامى ومحدثين أن يزيحوا جانبا من الغموض حول
أولية الشعر العربي، وبداية نشأته، فوضعوا بعض الافتراضات التي يمكن أن
تتخذ منطلقًا وقاعدة بحث لوضع تصور عن بداية الشعر العربي في عصوره
المتقدمة في الجزيرة العربية، فرأى بعضهم أنّ نشأة الشعر ارتبطت بحُدَاء
الإبل، حيث كان يغني لها صاحبها في أثناء سيرها بصوت منغوم حسن مرتفع،
فتطرب، وتنشط في سيرها، ومازال الحُدَاء في صورته الجاهلية القديمة
معروفـًا لدى القبائل التي تعيش في الصحراء وتقتني الإبل، ثم تطور الحداء
إلى الرجز، لأنه أقرب إليه، وقد يكون الحداءُ في بعض صوره رجزًا نظرًا لما
بينهما من مشابهة في النغم وطريقة الإنشاد .

وقد حاول بعض المستشرقين المهتمين بدراسة الأدب العربي – مثل كارل بروكلمان
(1285- 1375 = 1868- 1956م) - أن يستخلصوا من الملابسات المتشابهة عند
الشعوب البدائية الأخرى نتائج يمكن تطبيقها على الحياة العربية، في محاولة
لرسم نظرية لأولية الشعر العربي، حيث اعتبروا أن الأغاني القصيرة الخفيفة
(الطقاطيق) قدر مشترك بين الشعوب البدائية، يرددها أفرادها عند القيام بعمل
من الأعمال، أو مزاولة حرفة من الحرف، أو في أثناء السفر، لما لها من أثر
سحري فعال في الحث على النشاط، واستنهاض الهمم والإقبال على العمل، أو
للتعبير عن الحالات العاطفية والشعورية كالفرح والحزن. وكانت تلك الأغاني
أو المقطوعات القصيرة هي الإرهاصة الأولى لنشأة الشعر وتطوره ليس عند العرب
فقط، بل عند جميع الشعوب الشاعرة أو ذات الإنتاج الشعري، كاليونان
والرومان والفرس والهنود ..

وهذه المقولة لا تخرج في مفهومها العام عن الفرضية التي ذكرناها، وهي انبثاق الشعر من حُدَاء الإبل .

وعلى الرغم من أن مقارنة أحوال العرب بأحوال أمم أخرى ومضاهاتها بها قد
تفيد في مجال التنظير المجرد، لكنها لا تسلم عند التطبيق من مظنة التعسف
والاقتسار، ولا تنأى عن جادة الزلل والخطأ . ويرى بعض الدارسين أن السجع
كان البذرة الأولى لبداية الشعر، ثم تطور السجع إلى الرجز، ثم تحول الرجز
إلى ذلك الشعر المنظوم على البحور الشعرية المعروفة التي استنبطها الخليل بن أحمد الفراهيدي
(100- 170هـ). ولم يكن الرجزُ في العصر الجاهلي شائعـًا، فلا يوجد منه
إلاّ الأبيات القليلة يقولها الراجز في حاجته، ولم يكثر الشعراء منه إلا في
العصر الأموي، حيث وجد رجاز تفرغوا له، منهم العجّاج، وابنه رؤبة، وأبو
النجم العجلي، والزفيان السعدي، حتى سمي بحر الرجز بحمار الشعراء، لكثرة ما
نظموا فيه .

وقد حاول ابن سلام أن يضرب لنا مثالاً في مقدمة كتابه طبقات فحول الشعراء لبداية نشأة الشعر عند العرب بقوله:

(( لم يكن لأوائل العرب من الشعر إلا الأبياتُ
يقولها الرجلُ في حاجته، وإنما قصدت القصائد، وطول الشعر على عهد
عبدالمطلب، وهاشم بن عبد مناف
أما أن أوائل العرب من الشعراء لم يكن
لهم من الشعر إلا الأبيات فهذا صحيح يؤيده الواقع المشاهد والتجارب
المتماثلة؛ لأنّ هذه الأبيات القليلة يقولها الرجل عبارة عن محاولات
وإرهاصات وتجارب أولية لتقصيد القصائد وتطويل الشعر، فالشعر وكذا سائر
الفنون الأدبية الأخرى لم تنشأ دفعة واحدة، بل كان لابد لها لكي تنضج
وتكتمل من مرحلة زمنية تستوعب فيها النمو والنضج والاكتمال .

وأما أنّ تقصيد القصائد وتطويل الشعر لم يحدث إلا في عهد عبدالمطلب ووالده
هاشم بن عبد مناف، فرأي يحتاج إلى مراجعة ومزيد بحث ودراسة؛ لأن الشعر
العربي أقدم من هذا بزمن، فهاشم وهو أقدم الرجلين توفي قبل الهجرة النبوية
بما يقرب من مئة عام، ويذكر التاريخ أنه توفي في شبابه المبكر، لم يتجاوز
ثلاثين عامـًا أو تجاوزها بقليل، ولعل الصواب أن يقال: إن الشعر الذي وصل
إلينا من أفواه الرواة يبدأ من هذه المدة التي عاش فيها عبدالمطلب ووالده
هاشم ابن عبد مناف، أو قبلهما بقليل؛ لأن هناك ذكرًا لشعراء لم يصل إلينا
شيء من شعرهم، ووصلت إلينا أسماؤهم في بعض أشعار المتقدمين، فامرؤ القيس
يقول:

عُوجــا على الطَّلَلِ المحُيلِ لعلَّنَا *** نبكي الديارَ كما بكى ابنُ حِذَامِ

ولا نعرف شيئـًا عن هذا الشاعر سوى إشارة امرئ القيس إلى أنه وقف على
الأطلال وبكى الديار، ولا ريب في أن شعره وصل إلى امرئ القيس وإلى معاصريه
من الشعراء وحفظوه وفهموه؛ كما نحفظ الآن شعر امرئ القيس ونفهمه، وسائر
شعراء الجاهلية الذين وصلت إلينا أشعارهم .

ومن الشعراء الأقدمين الذين روي لهم شعر، ولكنه قليل دويد بن زيد ابن نهد
القُضاعي. فقد رويت له بعض أبيات حين بلغ من الكبر عتيا، وأبيات قالها حين
حضرته الوفاة .

لكن يبقى ما ذكرته مجرد افتراضات لا يطمئن الدارس إلى ما تفضي إليه من
نتائج وحقائق ما لم تكن مدعومة بالأمثلة الصحيحة والشواهد الأدبية
والتاريخية؛ لأن نشأة الشعر العربي حدثت في مدة وبيئة عجز التاريخ عن الكشف
عنهما .

ولعل الطريق الأمثل لدراسة نشأة أدب من الآداب الإنسانية هو أن نتخذ من
دراسة نشأة اللغة، وعوامل تكونها وتطورها، ومضاهاتها باللغات التي تأثرت
بها أو أثرت فيها منطلقا لوضع أيدينا على البدايات الأولى للشعر؛ لأن اللغة
وعاء الشعر، والشعر أيضا لا ينشأ من فراغ، فلكي يعطي ثماره، لابد أن تكون
اللغة نفسها قد وصلت إلى مرحلة من النضج تستوعب فيها التعبير عن العواطف
والمشاعر والأفكار وغير ذلك من الحالات الشعورية والمواقف الإنسانية .

فإمساك الباحث بأول خيط نشأة اللغة، وتتبع مراحل تطورها عبر الزمن سيتيح له
الوقوف على بداية الشعر، ومراحل تطوره، ولكن قد توجه ملحوظة مهمة إلى هذا
الرأي، وهي أن بداية اللغة نفسها غير واضحة المعالم، كالشعر تمامـًا،
والدراسات التي كتبت عن أولية اللغة لا تكاد تسلم من الافتراضات وربما
التخمينات في طرح بعض النظريات التي قد لا تصح، ولكن قد يسهم في حل الغموض
الاستعانة بالنقوش والكتابات العربية التي عثر عليها في الكهوف والمعابد،
وفوق الصخور في أماكن متعددة من شبه الجزيرة العربية، كالجوف، وتيماء،
ومدائن صالح، والفاو، بالإضافة إلى الاستعانة بالحفريات والآثار التي تلقي
بعض الأضواء على حياة العرب الأولى، وصلتهم بالأمم الأخرى .

وقد وجدت دراسات كثيرة حول هذا الموضوع قام بمعظمـــها رحالة ومستشرقون وكتبوها بلغاتهم الأصلية .

ومثل هذه الدراسات والبحوث التي تكتب عن نشأة اللغة وتدوين بداياتها الأولى
قد تضعنا على أول الطريق، لوضع نظرية صحيحة لنشأة الشعر العربي .

ونخلص من هذا كله إلى نتيجة حتمية، وهي أن الشعر العربي نشأ في صحراء
العرب؛ فهي التي ألهمت الشعراء الأوائل في التوصل إلى قرض الشعر، وشهدت
سهولها وحزونها البدايات الأولى لنشأته ومرحلة طفولته، وتدرجه حتى استقام
شعرًا له وزنه وقافيته، غني بالمعاني والأفكار والموضوعات والصور البيانية
والخيالية، التي استمد معظمها من بيئة الصحراء وثقافة الصحراء .

مظاهر أثر الصحراء في الشعر العربي :

للصحراء أثر واضح في الشعر العربي، ولاسيما الشعر الذي قيل على أديمها،
والشعر الذي تأثر به في العصور الأولى، وبخاصة شعر عصر صدر الإسلام،
والدولة الأموية، والعصر العباسي الأول والثاني. ونلمس هذا التأثر في مختلف
جوانب الشعر: الشكل والمضمون والموضوعات. والشعر العربي ليس نصوصـًا
إبداعية فقط ولكنه – إلى جانب ذلك – يمثل بيئته، ويعبر عن حياة العرب
الاجتماعية، وما تحفل به من نشاط متنوع. وهو بهذا المقياس شعرٌ له رسالة
وهدف، وهذا ما دفع بعض الدارسين أن يستوحوا حياة العرب من شعرهم، حين قصر
التاريخ عن استيعاب ذلك والإلمام به، بل إن مصادر التاريخ كسيرة ابن هشام،
وتاريخ الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، وابن خلدون، تضمنت نصوصـًا شعرية
كثيرة أسهمت في تدوين أحداث التاريخ، ولذلك ستكون معالجتي لنصوص هذا البحث
من هذا المفهوم الذي يرى أن الشعر العربي تصوير لحياة العرب ومناشطهم.
وسأتحدث في الصفحات التالية عن أبرز معالم تأثير الصحراء في الشعر مستشهدًا
ببعض النصوص الشعرية الغزيرة التي تثبت ذلك في أجلى مظاهره .

في اللغة :

اللغة مادة الأدب شعرًا ونثرًا، وأداة البيان والتعبير المثلى. والتأثير في
اللغة ثراءً ودلالةً ومضمونـًا تأثير في الأدب، وتأثير فيما يحمله من
أفكار ومعان. والصحراء بمفهومها الدلالي أثرت اللغة العربية بفيض من
الألفاظ والمفردات التي وظفها الشعراء في شعرهم، وبخاصة الشعراء الذين كانت
صلتهم بالصحراء مباشرة، وارتباطهم بها قويّـًا، بأن ولدوا في رحابها،
ودرجوا على ظهرها، وتنسموا هواءها، وأمضوا سنوات عمرهم يتنقلون في جنباتها.
ويتضمن معجم الشعر العربي ألفاظًا غزيرة أوحت بها الصحراء ومظاهرها وطبيعة
الحياة فيها. والمتتبع للشعر العربي يستطيع أن يُرْجعَ كثيرًا من ألفاظه
إلى وحي الصحراء. وتمثل هذه الألفاظ الشعرية معجمـًا لغويـًا كبيرًا يكوِّن
في مجمله جانبـًا لا يستهان به من مفردات اللغة العربية، من ذلك أسماء
الصحراء وصفاتها، ووصف حزونها وسهولها، وما يتعلق بطبيعتها الساكنة
والمتحركة، وهي ألفاظ كثيرة تتصل بالحيوان، والنبات، والسحاب، والمطر،
والسيل، إضافة إلى الألفاظ المتعلقة بالحياة ووسائل العيش والتنقل تبعـًا
لتغير فصول العام، وما تفرضه طبيعة المجتمع الصحراوي من حركة ونشاط، وكر
وفر في ميدان المعارك والحروب.

ولفظة (صحر) المكونة من الصاد والحاء والراء أصل في بُِنية الكلمة، تدل على أصلين، أحدهما البراز في الأرض، والآخر لون من الألوان، يقال: أصحر
القوم إذا برزوا إلى الصحراء لا يسترهم شيء، وأصحر الرجل: نزل الصحراء،
وبرز إلى فضاء واسع لا يواريه شيء. والأصل الآخر الصُّحْرَة، وهي لون أبيض
مشرب بحمرة .


والصحراء من الأرض مثل ظهر الدابة الأجرد ملساء، ليس فيها شجر ولا آكام ولا جبال .

وقيل: الصحراء فضاء واسع ممتد قَفْر، لا ماء فيها
ولا حياة .. وأيّـًا ما كانت التعريفات فهي متفقة على أنّ الصحراء فضاء
واسع جدًا، لا ماء فيها كالأنهار والجداول والعيون الجارية، قليلة الأمطار
والنبات. ونموذج الصحراء واضح في صحراء جزيرة العرب، والصحراء الكبرى في
شمالي إفريقية، وقارات العالم لا تخلو من صحراوات كثيرة مشهورة .

وتجمع الصحراء على صحارى
بفتح الراء وكسرها، وعلى صحراوات . ووضع العرب للصحراء نحوًا من أربعين
اسمـًا، وجميعها أسماء تلمح فيها معنى الصفة، وتلحظ دلالتها على ما تمتاز
به الصحراء عن غيرها من أنواع البقاع والأراضي .

وهي في الأصل صفات تنعت بها البقاع التي تنفرد بسمات لا تخرج عن المفهوم
المعروف للصحراء، وتدل جميعها على قدرة واضعي اللغة العربية – وهم العرب –
على اختيار اللفظة المناسبة للدلالة على المعنى الماثل في الذهن. ويمكن
باستخلاص المعاني والدلالات التي تدل عليها هذه الصفات أن نحدد في دقة
خصائص الصحراء كما تعرف في لغة العرب وأدبهم. فمن صفات الصحراء :

1 – القَفْر: الخلاءُ من الأرضِ، والمفازة لا ماء فيها ولا نبات .. . قال الأعشى :

وبَيْدَاءَ قَفْرٍ كَبُرْدِ السَّديرِ __ مشاربُها داثِـرَاتٌ أُجُنْ

ووصف امرؤ القيس القَفْر في قوله :

وقَفْرٍ كَظَهرِ التُّرْسِ مَحْلٍ مَضِلَّةٍ *** مَعَاطِشِ مجرى الماءِ طَامِسَةِ الفَلاَ

2 – الفلاة : القَفْر من الأرض، سميت بذلك لأنها فُليت عن كل خير، أي فطمت
وعزلت. وقيل: الصحراء الواسعة. وقيل: هي التي لا ماء فيها. وقال النضر بن
شُمَيل : هي التي لا ماء فيها ولا أنيس، وإن كانت مُكْلِــئَةً. والجمع: فَلاَ، وفَلَوات، وَفُلِيٌّ، وَفِـلِيٌّ .. قال حُميد بن ثور الهلالي يصف قطاة :

وتأوي إلى زُغْبٍ مسَاكينَ دونها *** فـلاً، ما تَخَطَّاهُ العيونُ مَهُوبُ

3 – البريَّة : الصحراء. والجمع: البراري .

4 – البَيْدَاء : الفلاة، والمفازةُ لا شيءَ بها، وسميت الصحراءَ بيداءَ؛
لأنها تُبيدُ سالكها، والإبادة : الإهلاك، والجمع بِيد وبيداوات .. قال
الحطيئة:

وطاوِي ثلاثٍ، عَاصِبِ البَطْنِ، مُرْمِلٍ ** ببيداءَ لم يعرفْ بها سَاكِنٌ رسْمَا

وقال المتنبي :

أما الأحبةُ فالبيداءُ دونـهمُ *** فليت دونَكَ بِيدًا دونها بِيدُ

5- الفَيْفَاء: الصحراء الملساء، والمفازةُ لا ماءَ فيها، والجمع الفيافي.
والفَيْفُ: المكان المستوي، والجمع أفْيَاف وفُيُوف .. قال ذو الرمة :

طَوَاها إلى حَيْزُومِهَا واْنَطوَتْ لها *** جيوبُ الفيافي حَزنُهَا ورِمَالُهَا

6 – المفازة: البرية القَفْر. ويقال لها أيضًا المفاز، والجمع مفاوز. قال
ابن الأعرابي، سميت الصحراءُ مفازةً؛ لأنّ من خرج منها وقطعها فاز. وقال:
سميت المفازة من فوَّز الرجل إذا مات .. قال امرؤ القيس :

وكم دونـها مـن مَهْمَهٍ ومَفَازَةٍ ** وكم أرْضِ جَدْبٍ دونها ولصُوصُ

7 – البَسْبَس : البر المقفرُ الواسعُ، والجمع: البسابس ..

8 – السَّبْسَب : القَفْر، والقَفْرُ البعيدة مستويةً وغير مستوية، وغليظة
وغير غليظة، لا ماء فيها ولا أنيس، والسبسب: الأرض الجدبة، والجمع: السباسب
.. وقال عبيد بن الأبرص :

أنّى اهتدَيْتَ لركبٍ طال سَيْرُهُمُ *** في سَبْسَبٍ بين دَكْدَاكٍ وَأعْقَادِ!

9 – التَّيْهَاء : المفازة يُتَاهُ فيها، أي يُضَل ولا يُهْتَدى لطريق،
والأرض المضلة الواسعة لا أعلامَ فيها ولا جبال ولا آكام .. قال ذو الرمة :

بِتَيْهَاءَ مِقْفَارٍ يكـادُ ارتكاضُها ** بآلِ الضحى والهَجْرِ بالطَّـرْفِ يَمْصَحُ

10 – الدَّيْمُومَة والديموم : الفلاةُ يدوم السير فيها لبعدها، والأرض
المستوية لا أعلامَ بها ولا طريق ولا ماء ولا أنيس وإن كانت مُكْلِئَـةً،
والجمع: الدياميم. قال أبو عمرو: الدياميم الصحارى الملس المتباعدة الأطراف
.. قال الأعشى :

فوق ديْمُومَةٍ تَغَوَّلُ بالسَّفْـ *** رِقِفَارٍ إلاّ من الآجَـالِ

11 – المَهْمَهُ : المفازة البعيدة، والخَرْق الأملس الواسع، والفلاة لا
ماء بها ولا أنيس، والبرية القفر، والجمع مَهَامِهُ. قال الشاعر :

في تيهِ مَهْمَهَةٍ كأنّ صُــوَيَّهَا *** أيدي مُخَالِعَةٍ تَكُفُّ وتَنْهَدُ

وقال امرؤ القيس :

مَهَامِهِ مَوْمَاةٍ من الأرضِ مَجْهَل * تداعَى على أعلامِهِ البومُ والصَّدَى

12- الخَرْق : الفلاة الواسعة، والأرض البعيدة مستوية كانت أو غير مستوية،
سميت بذلك لانخراقِ الريح فيها، والجمع: خُرُوق .. قال مَعْقِل بن خويلد
الهذلي:

وإنهمـا لجوَّابَـا خُـرُوقٍ *** وشَرَّابانِ بالنُّطَفِ الطَّوامِي

وقال امرؤ القيس :

وخَرْقٍ بعيدٍ قد قطعـتُ نِيَاطَهُ على ذات لَوْثٍ سَهْوَةِ المَشْيِ مِذْعَانِ

وقوله :

وخَرْقٍ كجْوفِ العَيْر قَفْرٍ مَضِلَّةٍ ** قَطَعْتُ بِسَامٍ سَاهِمِ الوجهِ حُسَّانِ

13 – الصَّرْمَاء : الفلاة، والمفازة لا ماءِ فيها .

14 – الفَدْفَد : الفلاة التي لا شيء فيها . وقيل: الأرض الغليظة ذات
الحصى، وقيل: المَوْضع الصُّلْب، والمكان المرتفع فيه صلابة، وقيل: الأرض
المستوية. والجمع: فدافد .

15 – المَوْمَاة : المفازة الواسعة الملساء، والفلاة التي لا ماء فيها ولا
أنيس، وهي جماعُ أسماء الفَلَوَاتِ، والجمع مَوَامٍ .. قال تأبط شرًّا :

يَظَلُّ بموْمَاةٍ ويُمْسِي بغيرِها *** جَحِيشًا ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المهالكِ
16 – القِيُّ والقَوَاء: القفرُ من الأرض، والأرض المستَوية الملساء .. قال العَجَّاج :

وبلدةٍ نِيَاطُها نَطِــيُّ *** قِيٌّ تُنَاصِيها بلادٌ قِيُّ

17 – التنوفة : المفازة، والأرض القفر، وقيل: الأرض المتباعدة الأطراف،
والتي لا ماء فيها من الفلوات ولا أنيس، وإن كان معشبة، والجمع تنائف ..
قال امرؤ القيس :

وتنوفةٍ جَرْدَاءَ مَهْلَكَةٍ جاوزتُها بنجائِبٍ فُتْلِ

18 – الدوّ : الفلاة الواسعة، والمفازة، وقيل: الأرض المستوية الملساء ..
والدو: أرض مسيرة أربع ليال شبه تُرْس خاوية يسار فيها بالنجوم، ويخاف فيها
الضلال، وهي على طريق البصرة متياسرة إذا أصعدت إلى مكة، وإنما سميت
الدوّ؛ لأن الفرس كانت لطائمهم تجوز فيها، إذا سلكوها تحاضوا فيها بالجد،
فقالوا بالفارسية : دَوْدَوْ .. قال الأزهري :
((وقد قطعت الدوَّ مع القرامطة – أبادهم الله – وكانت مطرقهم قافلين من
الهبيـر، فسقوا ظهرهم، واستقوا بحفر أبي موسى الذي على طريق البصرة،
وفوَّزوا في الدو، ووردوا صبيحة خامسة ماءً يقال له: ثَبْرَة، وعطَبت فيها
بُخْت كثيرة من إبل الحاج لبلوغ العطش منها والكلال))
.

قال الحسن بن عبدالله الأصفهاني المعروف بلغدة : ((والدَّوُّ أرض مستوية
مفازة لا ماء به ولا شجر ولا جبال، مسيرة أربعة أيام، قيعان، وهو لأفناء
تميم، وليس به ماء ولا شجر، ولا ينبت إلا النَّصِيَّ والسَّخْبَر وما
أشبههما، لا تُرى به شجرة مرتفعة رأسـًا، لا عرفجة ولا غيرها، إنما تراه
مِيْيَاضـًا كُلَّه)) .

قال ذو الرمة :

ودَوٍّ ككفِّ المُشْتَرِي غير أنَّهُ ** بِسَاطٌ لأخماسِ المراسِيلِ واسعُ

والدويَّة كالدوِّ، والياء فيها زائدةٌ ليست بياء نسبة .. وقال أيضًا:

ودَوِيَّةٍ يحَارُ بـها القَـطَا ** أدِلاَّءُ رُكْبَاهَا بناتُ النجائِبِ

وقال العجاج :

دَوِيَّةٌ لِهَـوْلِهـا دَوِيُّ ** للرِّيح في أقْرَابِهَا هُـوِيُّ

ومِثلها الدَّاوِيَّة ، قال امرؤ القيس :

ودَاوِيَّةٍ قَفْرٍ كَأن الصَّدَى بها ** إذا ما دعا عند المساءِ حَزينُ

19 – البَلْقَع والبَلْقعة : الأرضُ القَفْرُ التي لا شيءَ فيها من شجر ونحوه.

20 – المَرْت : المفازة لا نباتَ فيها . قال امرؤ القيس :

بِيدٌ مُسَهَّبةٌ، مَرْتٌ مُخَفَّقـــَةٌ ** يَهْمَاءُ حِرْ باؤُها للشمسِ مُنْتَصِبُ

21 – التَّيْمَاء : الفلاة الواسعة . وقال الأصعمي: التيماءُ التي لا مــاءَ فيها، وأرضٌ تيماءُ: مَضِلّة مَهْلَكَةٌ .

22 – اليَهْمَاء : المفازة لا ماءَ فيها، ولا يسمعُ بها صوت. وقيل: الفلاة
لا ماءَ فيها ولا عَلَم، ولا يُهْتَدى لطرقها. قال الشاعر :

كُلُّ يَهْمَاءَ يَقْصُرُ الطرْفُ عنها ** أرْقَلَتْها قِلاَصُنَا إرقالا

وقال امرؤ القيس :

فَصَبَّحْتَهُمْ مَاءً بَيهْمَاءَ قَفْرَةٍ ** وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ فاسْتَوَى

وقال عبيِدُ بن الأبرص :

يجتابُ مَهْمَهَةً يَهْمَاءَ صَمْلَقَةً ** سَكْنُ الخلائقِ حاذي اللحمِ مُغْتَبِطُ

وقال الأعشى :

يَهْمَاءَ مُوحِشَةٍ رفَعْتُ لِعَرْضِه *** طَرْفِي لأَِقْدِرَ بَيْنَهَا أمْيَالَها

23 – المهلكة : المفازة، لأنه يهلك فيها كثير ممن يسلكها.

24 – الـنَّفْـنَفُ : المفازة البعيدة الخالية : قال امرؤ القيس :

في نَفْنَفٍ طَامِسِ الأعلامِ ليسَ به ** إلا ذُؤَاَلةُ طَاوٍ كَشْحُهُ جُنُبُ

25 – الصَّرْدحُ والصَّرْداحُ وَالصَّرْدَحَةُ : الصحراءُ لا شجر بها ولا
نبت، والفلاة لا شيء فيها، والجمع: الصَّرَادِح .. قال ذو الرمة :

فجاءَتْ كذودِ الخارِبَيْنِ يَشُلُّهَا مِصَكٌّ تهَادَاهُ صَحَارٍ صَرَادِحُ

26 – السَّهْب: الفلاة، وسهوب الفلاة: نواحيها التي لا مسلك فيها.. قال الأعشى :

وكم دون ليلى من عَدُوٍّ وبَلْدَةٍ ** وسَهْبٍ به مُسْتَوْضِحُ الآلِ يَبْرُقُ
)

ومن أدق ما وصفت به الصحراء شعرًا قول المُرَقِّشِ الأكبر :

1- ودوِيَّةٍ غَبْراءَ قد طال عَهْدُها ** تهالَكَ فيها الوِرْدُ والمرءْ ناعِسُ
2- قطعتُ إلى معروِفها منكراتِها ** بِعَيْهَامَةٍ تَنْسَلُّ والليلُ دامِسُ
3- تركْتُ بها ليلاً طويلاً ومنزلاً ** ومُوقَدَ نارٍ لم تَرُمْهُ القَوَابِسُ
4- وتَسْمَعُ تَزْقاءً من البومِ حَوْلَنَا ** كما ضُرِبَتْ بعد الهدوءِ النواقِسُ
5- فيصبحُ مُلْقَى رَحْلِهَا حيثُ عَرَّسَتْ ** من الأرض قد دبَّتْ عليه الروامِسُ
6- وتصبحُ كالدَّوْدَاةِ ناطَ زمَامَها ** إلى شُعَبٍ فيها الجواري العوانِسُ
7- ولما أضَأْنا النارَ عند شِواَئِنا ** عرانا عليها أطلسُ اللَّوْنِ بائِسُ
8- نبذْتُ إليه حُزَّةً من شِوَائِنَا ** حياءً، وما فُحْشِي على مَنْ أجَالِسُ
9- فَآضَ بها جَذْلاَنَ يَنْفُضُ رأسَهُ ** كما آبَ بالنَّهْبِ الكَمِيُّ المُحَالِسُ
10- وأعرَضَ أعلامٌ كأنَّ رؤوسَهَا ** رؤوسُ جبالٍ في خليجٍ تَغَامَسُ
11- إذا عَلَمٌ خلَّفْتُهُ يُهْتَدَى به ** بدا عَلَمٌ في الآلِ أغْبَرُ طَامِسُ

وَصَفَ المرقش الصحراء بأنها مفازة واسعة شاسعة الأرجاء، جافة، يعلوها
الغبار، وتتلاشى فيها الأصوات، لا أثر فيها للماء، ولا ما يقيم الحياة،
تكاد الإبل التي تسير فيها تتعرض للهلاك والموت. ويذكر أنه ألم بها وسار في
جنباتها، وأفضى به السير إلى أماكن مجهولة موحشة يضرب فيها يمنة ويسرة، لا
يتهدى لعلم معروف وطريق مأثور، ووسيلته في ذلك مطيته القوية الصلبة
السريعة التي تغذ السير، والليل قد مد رواقه، وأرخى سدوله. وتمكن أن يقطع
هذه الفلاة الواسعة، والليل لا تزال منه بقية، وغادر المكان الذي نزل فيه
طلبـًا للراحة، وفيه موقد ناره الذي لم يلم به قابس؛ لأنه في مكان موحش
ناءٍ لا يطرقه المسافرون.

ويضاف إلى ما ذكره من خصائص الصحراء أنه يتهادى إلى سمعه أصوات البوم، وهي
من طيور الصحراء والخراب التي يشبه صياحها بضرب النواقيس، ويصف موضع رحله
حيث عرّس بأنه أصبح أثرًا بعد عين أن سفت عليه الرياح فمحت كل أثر. ويقص
علينا ما تعانيه حيوانات الصحراء من جوع ومسغبة، من أظهرها الذئب الذي
جلبته رائحة الشواء، فأقبل يتهادى على الرغم من أنه يخشى الإنسان، وينفر من
ضياء النار، فرمى إليه قطعةً من الشواء، فآب ينفض رأسه جذلاً وحبورًا بعد
أن ظفر ببعض ما يسد جوعه، ويشبهه في أوبته بأوبة فارس شجاع كمي السلاح من
ساحة الحرب بعد أن نال من غنائم العدو ما نال.

ويذكر منظرًا من طبيعة الصحراء، وهو أنه يمر في سيره بجبال تكاد تغرق في
السراب، ويشبه قننها ورؤوسها برؤوس جبال يكتنفها الماء، فهي تبدو تارة
وتختفي أخرى. ويؤكد هذا المعنى في البيت الأخير، وهو أنه كلما تجاوز جبلاً
يهتدي به بدا جبل أغبر آخر يلوح من خلال السراب لا يكاد يرى .

والرحلة في قلب الصحراء ووصف مسالكها ودروبها ومعالمها وحيواناتها وطيورها
موضوع مأثور في قاموس الشعر الجاهلي، نجد نماذج منها في القصائد السبع أو
العشر الطوال الجاهليات التي عرفت عند بعض الباحثين بالمعلقات، وكقصيدة
امرئ القيس الرائية التي وصف فيها رحلته إلى قيصر الروم مستنجدًا به
لاستعادة ملك أبيه ، وكقصيدة عبيد بن الأبرص الطائية ، وفي شعر الصعاليك
أمثلة كثيرة .
)
العيون العسلية
العيون العسلية
 
 
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 262
فلسطين
الــــجـــنــــس : انثى
العمل : جامعي
الـــهــــوايــــة : غير معروف
الـــمــزاج : مبسوطة
وسام التكريم

m3 رد: الصحراء ونشأة الشعر العربي

الأربعاء يوليو 20, 2011 1:29 pm
على فكرة أروع واعذب كلمات الكلمات اللي اتاخدت وانحكت زمان لانو بتحسها كلمات جدية مو متل حكي اليوم كلو مياعة وما الو معنى
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى